قوله - صلى الله عليه وسلم : ( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة ) قال القاضي عياض : الظاهر أن هذه الفضائل المعدودة ليست لذكر فضيلته لأن إخراج آدم وقيام الساعة لا يعد فضيلة وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع ، ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة الله ودفع نقمته ، هذا كلام القاضي .
وقال أبو بكر بن العربي في كتابه الأحوذي في شرح الترمذي : الجميع من الفضائل ، وخروج آدم من الجنة هو سبب وجود الذرية وهذا النسل العظيم ووجود الرسل والأنبياء والصالحين والأولياء ، ولم يخرج منها طردا بل لقضاء أوطار ثم يعود إليها . وأما قيام الساعة فسبب لتعجيل جزاء الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم ، وإظهار كرامتهم وشرفهم ، وفي هذا الحديث فضيلة يوم الجمعة ومزيته على سائر [ ص: 456 ] الأيام .
وفيه دليل لمسألة غريبة حسنة وهي : لو قال لزوجته أنت طالق في أفضل الأيام . وفيها وجهان لأصحابنا أصحهما : تطلق يوم عرفة . والثاني : يوم الجمعة لهذا الحديث ، وهذا إذا لم يكن له نية ، فأما إن أراد أفضل أيام السنة فيتعين يوم عرفة ، وإن أراد أفضل أيام الأسبوع فيتعين الجمعة ، ولو قال أفضل ليلة تعينت ليلة القدر وهي عند أصحابنا والجمهور منحصرة في العشر الأواخر من شهر رمضان ، فإن كان هذا القول قبل مضي أول ليلة من العشر في أول جزء من الليلة الأخيرة من الشهر ، وإن كان بعد مضي ليلة من العشر أو أكثر لم تطلق إلا في أول جزء من مثل تلك الليلة في السنة الثانية ، وعلى قول من يقول هي منتقلة لا تطلق إلا في أول جزء من الليلة
الأخيرة من الشهر . والله أعلم .

0 Comments